الإرهاب الإلكتروني والأمن القومي

يشهد العالم الآن في ظل الطفرة الكبيرة في استخدام التكنولوجيا ثورة تعتمد على المعلومات والمعرفة ألا وهي الثورة التكنولوجية وانتشارها بشكل كبير؛ حيث تم التزاوج بين التكنولوجيا والإرهاب، وظهور الإرهاب الإلكتروني الذي أثر بدورِه على مفاهيم الأمن والقوة وأضفي البُعد الإلكتروني عليها، فالقوة لم تَعد مُقتصرة على القوة الصلبة والتي تتمثل في القوة العسكرية والاقتصادية التي تحتكرها الدول بشكل عام، وبالأخص الدول الكبرى، بل أدت إلى ظهور القوة الإلكترونية؛ وهذا النوع لم يُعد يقتصر على الدول فقط، وإنما كل من لهُ القدرة على امتلاك المعرفة التكنولوجية، والقدرة على استخدامها وتوظيفها لتحقيق أهدافه، سواء كان دولة أو أفراد أو فاعلين من غير الدول، ومن ثم انتهاء عصر احتكار القوة. ومن ناحية أخرى ظهور الفضاء الإلكتروني الذي اختصر حاجز الزمان والمكان وخلق مساحات للتفاعلات الداخلية والدولية في الواقع الافتراضي. ومن ثم برزت فضاءات جديدة للصراع بأدوات مختلفة وأنماط جديدة تختلف عن الصراعات التقليدية، كما أسهمت الثورة التكنولوجية في تغير مفهوم الأمن القومي بعد أن كان يُركز على القوة العسكرية وقدرتها على حماية الدولة، مما نتج عنه ظهور تهديدات جديدة تتزايد في الحجم والشدة، وتشكل تهديدًا خطيرًا للأمن القومي. فكلما زاد التشابك، زادت التهديدات الإلكترونية، وأثر ذلك على الأمن القومي، مما عجل بظهور مفهوم جديد هو الأمن الإلكتروني، بأبعاده المختلفة، والذي تحاول الدول من خلاله الحد من المخاطر والتهديدات في الفضاء الإلكتروني؛ حيث بات الإرهاب الإلكتروني من بين التحديات الأمنية الجديدة أمام الدول، وفي الولايات المتحدة على وجه الخصوص، الأمر الذي دفعها إلى انتهاج آليات واستراتيجيات شاملة. فضلاً عن توظيف قوتها الإلكترونية في سبيل تحقيق مصالحها وحمايتها، سعيًا لتحقيق أمنها القومي، واستعادة هيمنتها على المجتمع الدولي.